الجمعة الماضية، ذهبت رئيسة الوزراء الصربية «آنا برنابيتش» إلى موسكو من أجل توقيع اتفاقية تجارة حرة مع «اتحاد أوراسيا الاقتصادي»، الذي أراده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيراً للاتحاد الأوروبي. إنها اتفاقية مهمة اقتصاديا لكلا الطرفين، ولكنها ترمي أيضاً إلى تذكير الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنه حينما يتعلق الأمر بالبلقان، فإن المؤسسات الغربية ليست الخيار الوحيد المتاح.
الخلفية الاقتصادية للاتفاقية الصربية مع الجواب الروسي على الاتحاد الأوروبي باهتة. فالدولة الواقعة في منطقة البلقان تربطها أصلاً اتفاقيات تجارة حرة مع روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا التي تُعد الاقتصادات الثلاثة الأكبر في «اتحاد أوراسيا الاقتصادي»، التكتل الذي أنشأته موسكو ليكون بديلاً للدول التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي سابقاً. الاتفاقية الجديدة تمدّد التعاون إلى أرمينيا وقرغيزستان، وكلاهما لا توجد ضمن قائمة الشركاء التجاريين الخمسين الأوائل لصربيا، وغير مرشحتين لزيادة كبيرة في حجم تجارتهما معها. وبالنسبة لروسيا أيضاً، تُعد صربيا غير مهمة نسبياً كشريك تجاري: فهذه الأخيرة سجّلت 2.1 مليار دولار كرقم معاملات في التجارة العام الماضي، وهو ما يعادل 0.3 في المئة من إجمالي حجم التجارة الروسية. ولعل الأهم من ذلك هو أن صربيا التي لم تسر على خطى الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على روسيا، متعلقة بأوكرانيا، يمكن أن تضطلع بدور مورّد بديل للفواكه والخضراوات، بما مجموعه 256 مليون دولار العام الماضي.
وقد قيل لصربيا مراراً وتكراراً إنه سيتعين عليها إنهاء أي اتفاقيات تجارة حرة عندما تنضم إلى الاتحاد الأوروبي. وهذا أمر يدركه المسؤولون في بلغراد وموسكو. ولكن متى سيتم هذا الانضمام بالضبط؟ الواقع أن مفاوضات انضمام صربيا إلى الاتحاد بدأت في 2014، ولا يوجد في الأفق ما يوحي بقرب انتهائها. فتقرير الاتحاد الأوروبي حول صربيا هذا العام يشير إلى أنه ما زال ثمة الكثير الذي ينبغي القيام به في كل المجالات التي يناقشها الطرفان. وتطبيع علاقات صربيا مع كوسوفو يظل موضوعاً شائكاً. وعلاوة على ذلك، فإنه لا يوجد سبب يدعو الصرب لتوقع ترحيب حار حتى إن فعلوا كل ما يريده الاتحاد الأوروبي منهم: والشاهد معارضة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبدء مفاوضات الانضمام مع مقدونيا الشمالية وألبانيا التي تؤكد رغبته في إبطاء عملية توسيع الاتحاد الأوروبي.
ولهذا، فإن صربيا تغازل روسيا لكي تُظهر أن لديها بديلاً في وقت يتلكأ فيه الاتحاد الأوروبي لضمها إلى عضويته، والاتفاقية التجارية ليست سوى جزء من ذلك. وفي الأثناء، سلط فوسيتش أنوارا كاشفة ومقصودة أيضاً على توسيع التعاون العسكري مع روسيا. فيوم الخميس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية وصول أنظمة «إس 400» الروسية المتطورة المضادة للطائرات إلى صربيا من أجل مناورات عسكرية مشتركة. وإضافة إلى ذلك، منحت روسيا صربيا مساعدات عسكرية تشمل ست مقاتلات من طراز «ميج 29» و30 دبابة و30 مركبة مدرعة. ولكن صربيا تشتري الأسلحة الروسية أيضاً، وهي تشكّل قرابة نصف صادرات روسيا إلى هذه الدولة البلقانية، بإجمالي بلغ 490 مليون دولار في 2018.
بالنسبة للكريملن أيضاً، يمثّل كل هذا طريقة للتعبير عن ازدرائه لأوروبا والغرب بشكل عام. ففي وقت تسعى فيه دول البلقان وراء عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، تسعى موسكو جاهدة لتُظهر أن البديل موجود – ليس لصربيا فقط، ولكن أيضاً لمقدونيا الشمالية، وهي دولة أخرى توجد فيها أغلبية سلافية تكنّ وداً نسبياً لروسيا.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»
الخلفية الاقتصادية للاتفاقية الصربية مع الجواب الروسي على الاتحاد الأوروبي باهتة. فالدولة الواقعة في منطقة البلقان تربطها أصلاً اتفاقيات تجارة حرة مع روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا التي تُعد الاقتصادات الثلاثة الأكبر في «اتحاد أوراسيا الاقتصادي»، التكتل الذي أنشأته موسكو ليكون بديلاً للدول التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي سابقاً. الاتفاقية الجديدة تمدّد التعاون إلى أرمينيا وقرغيزستان، وكلاهما لا توجد ضمن قائمة الشركاء التجاريين الخمسين الأوائل لصربيا، وغير مرشحتين لزيادة كبيرة في حجم تجارتهما معها. وبالنسبة لروسيا أيضاً، تُعد صربيا غير مهمة نسبياً كشريك تجاري: فهذه الأخيرة سجّلت 2.1 مليار دولار كرقم معاملات في التجارة العام الماضي، وهو ما يعادل 0.3 في المئة من إجمالي حجم التجارة الروسية. ولعل الأهم من ذلك هو أن صربيا التي لم تسر على خطى الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على روسيا، متعلقة بأوكرانيا، يمكن أن تضطلع بدور مورّد بديل للفواكه والخضراوات، بما مجموعه 256 مليون دولار العام الماضي.
وقد قيل لصربيا مراراً وتكراراً إنه سيتعين عليها إنهاء أي اتفاقيات تجارة حرة عندما تنضم إلى الاتحاد الأوروبي. وهذا أمر يدركه المسؤولون في بلغراد وموسكو. ولكن متى سيتم هذا الانضمام بالضبط؟ الواقع أن مفاوضات انضمام صربيا إلى الاتحاد بدأت في 2014، ولا يوجد في الأفق ما يوحي بقرب انتهائها. فتقرير الاتحاد الأوروبي حول صربيا هذا العام يشير إلى أنه ما زال ثمة الكثير الذي ينبغي القيام به في كل المجالات التي يناقشها الطرفان. وتطبيع علاقات صربيا مع كوسوفو يظل موضوعاً شائكاً. وعلاوة على ذلك، فإنه لا يوجد سبب يدعو الصرب لتوقع ترحيب حار حتى إن فعلوا كل ما يريده الاتحاد الأوروبي منهم: والشاهد معارضة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبدء مفاوضات الانضمام مع مقدونيا الشمالية وألبانيا التي تؤكد رغبته في إبطاء عملية توسيع الاتحاد الأوروبي.
ولهذا، فإن صربيا تغازل روسيا لكي تُظهر أن لديها بديلاً في وقت يتلكأ فيه الاتحاد الأوروبي لضمها إلى عضويته، والاتفاقية التجارية ليست سوى جزء من ذلك. وفي الأثناء، سلط فوسيتش أنوارا كاشفة ومقصودة أيضاً على توسيع التعاون العسكري مع روسيا. فيوم الخميس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية وصول أنظمة «إس 400» الروسية المتطورة المضادة للطائرات إلى صربيا من أجل مناورات عسكرية مشتركة. وإضافة إلى ذلك، منحت روسيا صربيا مساعدات عسكرية تشمل ست مقاتلات من طراز «ميج 29» و30 دبابة و30 مركبة مدرعة. ولكن صربيا تشتري الأسلحة الروسية أيضاً، وهي تشكّل قرابة نصف صادرات روسيا إلى هذه الدولة البلقانية، بإجمالي بلغ 490 مليون دولار في 2018.
بالنسبة للكريملن أيضاً، يمثّل كل هذا طريقة للتعبير عن ازدرائه لأوروبا والغرب بشكل عام. ففي وقت تسعى فيه دول البلقان وراء عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، تسعى موسكو جاهدة لتُظهر أن البديل موجود – ليس لصربيا فقط، ولكن أيضاً لمقدونيا الشمالية، وهي دولة أخرى توجد فيها أغلبية سلافية تكنّ وداً نسبياً لروسيا.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»